مقالة جدلية : هل يعي الإنسان جميع أسباب سلوكه ؟
ديسمبر 05, 2018
Add Comment
[ad_1]
هل يعي الإنسان جميع أسباب سلوكه ؟ - هل تعتقد أن فرضية اللاشعور ضرورية لفهم الحياة النفسية ؟ - هل كل ما لا تفحمة من السلوك الشعوري يمكن أن نفهمة عن طريق رده إلى اللاشعور ؟
[ad_2]
هل يعي الإنسان جميع أسباب سلوكه ؟ - هل تعتقد أن فرضية اللاشعور ضرورية لفهم الحياة النفسية ؟ - هل كل ما لا تفحمة من السلوك الشعوري يمكن أن نفهمة عن طريق رده إلى اللاشعور ؟
1)-طرح المشكلة :
إن الإنسان ككائن حي له حياة نفسية متميزة تشتمل على الميول و الرغبات و الذكريات و المشاعر التي لا يدركها سواه ، و هذا ما يجعل من النفس الإنسانية كيان معقد تستعصي على المعرة ، و نعجز عن التنبؤ بأفعالها في كثير من الأحيان و يصعب علينا التحكم فيها و فهمها و لقد سعى علماء النفس منذ القديم إلى كشف خبايا و أغوار النفس الإنسانية ، رافعين شعار "سقراط": ( إعرف نفسك بنفسك )، معتمدين على الشعور للإحاطة بكل مجالات الحياة النفسية و التعرف عليها ، ولكن عجز علم النفس الكلاسيكي عن تقديم تفسيرات للكثير من الحوادث النفسية ، دفع علم النفس الحديث إلى تبني فرضية اللاشعور ، فإنقسموا إلى موقفين متعارضين فريق أول يرى أن كل ما هو نفسي شعوري بالضرورة ، و فریق ثان يؤكد أن اللاشعور واقع نفسي و لا مجال لفهم الحياة النفسية دون التسليم بوجوده فطرحوا التساؤل هل شعورنا كافي للإحاطة بجميع الحوادث النفسية و التعرف عليها ؟ أم أن هناك مجالات أعمق في النفس لا يدركها الوعي و تبقي تخضع لللاوعي ؟ و هل فرضية اللاشعور ضرورية لفهم الحياة النفسية؟ بصيغة أخرى : هل كل ما لا نفهمه من السلوك الشعوري يمكن أن نفهمه عن طريق رده إلى اللاشعور ؟
محاولة حل المشكلة :
ا/- الأطروحة :كل ما هو نفسي شعوري بالضرورة
يذهب أنصار علم النفس التقليدي من فلاسفة و علماء ،أن الشعور هو أساس كل حياتنا النفسية ، فيكفي أن يحلل المرئ شعوره ليتعرف بشكل واضح على كل ما يحدث في ذاته من أحوال نفسية أو ما يقوم به من أفعال ، فالشعور و النفس مترادفان ، أي كل نشاط نفسي هو شعوري بالضرورة ، وأن ما لا نشعر به ليس من أنفسنا ، يقول "ديكارت" :(إن الروح تستطيع تأمل أفكارها و الشعور بكل واحدة منها، ولا توجد حياة نفسية خارج الروح إلا الحياة الفيزيولوجية ). نفس الموقف نجده عند "إبن سينا " بقوله : (تأمل أيها العاقل في أنك اليوم في نفسك هو اللذي كان موجودا في جميع عمرك ، و هكذا فحاضرنا يحمل في طياته ماضينا و يعد مستقبلنا و لا يكون إلا بواسطة النفس )، و حجتهم في ذالك أننا لا نستطيع القول بأن الإنسان يشعر في هذا الحال ، و لا يشعر في ذالك مادام الإستمرار من خصائص الشعور ، يقول الفرنسي" هنري بروکسن ": ( إن الشعور ديمومة ، و منه فهو أساس الحياة النفسية من بدايتها إلى نهايتها ).
كما يعتبر "الكوديجيتوا الديكارتي ":( أفكر أنا موجود أنا) الفكر دليل الوجود ، و أن النفس البشرية لا تنقطع عن التفكير إلا إذا إنعدم وجودها وأن كل ما يحدث في الذات قابل للمعرفة ، و الشعور قابل للمعرفة فهو موجود ، أما اللاشعور فهو غير قابل للمعرفة فهو غير موجود بيقول "ألان ":(أن الإنسان لا يستطيع أن يفكر دون أن يشعر بتفكيره). فحسبه لو قلنا بوجود حوادث نفسية لا نشعر بها فهذا يعد تناقضا مع وجود النفس القائم على الوعي فلا يمكن الجمع بين نقيضين الشعور واللاشعور في نفس واحدة ، بحيث لا يمكن تصور عقل لا يعقل ونفس لا تشعر ، و هذا ما أكده زعيم المذهب الوجودي "جون بول سارتر" بقوله : ( الإنسان محكوم عليه بالحرية المرتبطة بالوعي الموجبة للمسؤولية و عليه فإن الحياة النفسية هي حياة شعورية بالضرورة )، فلو كان اللاشعور موجود لكان قابلا للملاحظة ، لكننا لا نستطيع ملاحظته داخليا عن طريق الشعور لأننا لا نشعر به ، و لا ملاحظته خارجيا لأنه نفسي باطني ذاتي ، و هذا يعني أن اللاشعور غیر موجود ، و نفس الموقف نجده عند "إبن سينا " لأن الإنسان يشعر بأحواله النفسية طيلة حياته بقوله : (أن الشعور بالذات لا يتوقف أبدا )
مناقشة : نحن لا ننكر دور الشعور في الحياة النفسية ، لكن التسليم بأنه هو الحياة النفسية والأداة الوحيدة المعرفتها ، معناه جعل جزء من السلوك الإنساني مبهما و مجهول الأسباب ، و في ذالك تعطيل المبدأ السببية الذي هو أساس العلوم ، لأننا كثيرا ما نتعرض لحالات نفسية لا نعيها و لا نعرف لها سببا كحالات الهذيان، و الأحلام كما أن الملاحظة ليست دليلا على وجود الأشياء، حيث يمكن أن نسدل على وجود الشيء من خلال أثاره ، فلا أحد يستطيع ملاحظة الجاذبية أو التيار الكهربائي و رغم ذالك فأثرهما تجعلنا لا ننكر وجودهما .
ب- نقيض الأطروحة : اللاشعور واقع نفسی
يذهب الكثير من أنصار علم النفس المعاصر ، أن الشعور وحده غير كافي لمعرفة كل خبايا النفس و مكنوناتها ، كون الحياة النفسية ليست شعورية فقط ، فالإنسان لا يستطيع في جميع الأحوال أن يعي جميع أسباب سلوكه يقول الطبيب النمساوي "سغموند فرويد" : (اللاشعور فرضية لازمة و مشروعة و لدينا عدة حجج تؤكد وجودها ) ، فالشعور لا يطابق الحياة النفسية كلها ، بل هناك جزء هام لا تتفطن عادة إلى وجوده ، رغم تأثيره المباشر على سلوكاتنا و أفكارنا و انفعالاتنا ، و اللاشعور هو مجموعة من الميول و الأهواء و الرغبات المكبوتة التي تؤثر على سلوك و فكير الإنسان دون أن يكون شاعرا بها و كيفية تأثيرها ، و هي تسعى دوما إلى الإشباع مما يجعلها تمارس ضغطا مستمرا عليه إلا حد أنه لا يمكن تفسيير سلوكه إلا على ضوء معطيات اللاشعور .
حيث شعر فريق من الباحثين و المفكرين شعورا أكثر وضوحا بوجود جانب اللاشعور بداية من "شوبن هاور، هاملتون ،بیار جاني" ، و لعل من أشهرها أبرزهم الفيلسوف الرياضي الألماني "لبنتنز" الذي إعترض على الفكرة الديكارتية القائلة أن النفس قادرة على تأمل كل أفكارها والشعور بها حيث يقول : (أعقد للديكارتيين أن الروح تفطر دوما ، ولكن لا أوافق على أنها تشعر بكل أفكارها). و يلخص هذه المعارضة في ثلاث :
1- الإدراكات الصغيرة :هناك إدراكات متناهية في الصغر لا حصر لها في النفس ، تعجز عن تأملها
مثلها في ذالك مثل الموجة الي تحدث هديرا نسمعه ولكن لا تستطيع سماع صوت ذرات من ماء هذه الموجة رغم أنها مؤلفة لذلك لهدير.
2- مبدأ التتابع الحاضر مثقل بالماضي و مشحوت بالمستقبل ، و ليس بالإمكان أن نتأمل و بوضوح كل
أفكارنا وإلا فالتفكير يأخذ في تأمل كل تأمل ، إلى ملانهاية دون الإنتقال إلى فكرة جديدة التعدية
3- الأفعال الألية :إن تالسر العادة في السلوك يجعلنا لا نشعر به أو يجعله لا شعوريا ، يقول "لبنتنز": (إن العادة هي التي لا تجعلنا نأبه لجعجعة المطحنة أو لضجة الشلال) ر ا بالإضافة غلى الحياة العاطفية و سيطرة الغريزة و الهوى فتصبح أفعالنا لا شعورية، و الأساطير و المعتقدات التي يتوارثها الناس و تؤثر في سلوكهم دون علم منهم و نفس الموقف نجده لدى مدرسة الفعل المنعكس الشرطي بزعامة "بولوف " التي ترجع سلوكات الإنسان إلى الفعل المنعكس الشرطي ( منبه و استجابة و تجاربها على الحيوانات.
غير أن اغصب میدان مهد لاستكشاف اللاشعور ، و رفع الستار عن كثير من الأحوال اللاواعية ، يرجع الفضل فيه إلى الطبيب النمساوي" فرويد" الذي استفاد بدوره من أبحاث علماء واطباء الأعصاب ( شرکو برنهایم بروير ) الذين اكتشفوا أن أسباب الأمراض النفسية ليست عضوية مادية كما كان يعتقد، بل تعود إلى أسباب نفسية مجهولة ، لكشف عنها لجئوا إلى استخدام التنويم المغناطيسي كطريقة علاجية غير أن الملاحظة الهامة التي فتحت أبواب التحليل النفسي أمام "فرويد"، هي ملاحظة الدكتور "بروير" الذي كان يعالج مريضة مصابة بمرض الهستريا ( إضطرابات ذهنية و حركية كفقدان الذاكرة ، الحساسية و الشلل) و بعد تذكرها أسباب مرضها أثناء التنويم ، شفيت و زالت عنها أعراضه بعد اليقظة لقد كان هذه المريضة تشكوا إضرابا في حركة العينين و في الرؤية إثر وفاة أبيها ، و صرحت تحت تأثير التنويم بما وقع لها أثناء تمريضها لأبيها، فقد كان تحبس دمعها و تعصر جفنيها حتى لا يتأثر أبوها ، و بعد إفاقة من التنويم زالت عنها أعراض المرض ، فلاحظ " فرويد" انه يمكن تخليص المريض من الاضطرابات التي تصيبه بجعله يعبر عما يشعر به ، إلا أنه هجر التنويم و انتقل إلى التذكر الواعي مما جعله يسلك طريقة التحليل النفسي فكان يطلب من المريض في جلسات عديدة الاستلقاء على أريكة و انطلاق في الحديث بكل حرية ، دون إخفاء أية فكرة تخطر بباله مهما كانت بسيطة و غير لائقة، و يتخلص وجود اللاشعور عند " فرويد " في تلك الحوادث النفسية الباطنية الي تؤثر في سلوك الإنسان و تجعله يقوم بحركات و تصرفا دون وعي بها، و اهم مظاهره: فلتات اللسان ، زلات القلم ، النسيان الأحلام ، النكوص ، الهذيان النكت ، الرسومات الكاريكاتيرية ....إلخ التبرير فلتات اللسان كقولك لصديق مع السلامة عوضا عن مرحبا بك ، و زلات القلم مثل الشخص الذي يكتب الصديقه فيقول له: أشكر الله على ما أنت فيه من نقمة بدلا من نعمة ، و النسيان بمختلف حالاته له صلة قوية بالميول و الرغبات المكبوتة في اللاشعور لأن الحوادث النفسية المؤلمة يميل الإنسان إلى كبتها ولا يرغب في تذكرها لتستقر في اللاشعوری
كما أن الأحلام تعتبر الفرصة المواتية لظهور الميول و الرغبات المكبوتة في اللاشعور فالحلم حارس النوم المحافظ عليه حسب "فرويد"، مثل الفتاة العانس تری نسها في المنام و هي ترتدي فستان أبيض و هي تزف إلى زوجها و العطشان أثناء النوم يرى نفسه يشرب ثم يستفيق ، و هذه طريقة للإستمرار في النوم و لإرضاء الحاجة إلى الشرب ، و يرى "فرويد" أنه يمكن تفسير جميع الظواهر المتجلية في الأحلام و في الأمراض العصابية ، من ذالك سيدة كانت تشكوا العطش و تعزف عن الشرب رغم إشتداد الحر و تصيبها الغيبوبة بمجرد اقتراب الكاس من فمها و ذات يوم بينما كانت تحت تأثير التنويم أخذت تشكوا من مربيتها التي كانت تكرهها و أنها رأتها تقدم الماء لكلبها في كاسها ، و كظمت غيظها تأدبا ، و بعد الإنتهاء من سرد الحادثة ، ظهر الغضب الشديد على ملامحها بعد أن بقي مكبوتا حتى ذالك الحين ، و طلبت الماء و شربت قدرا كبيرا ثم فاقت من التنويم والكأس بين شفتيها ، وبذالك زالت عنها أعراض الاضطراب، إضافة إلى النكت و السخرية من أشخاص أو مواقف، و الرسوم و الأشكال التي يرسمها الفرد لا شعوريا ، كالأطفال الأيتام يرسمون الأسرة وأفرادها لإفتقادهم لحنان الأسرة والدفي العائلي ، و السجين الذي يرسم رسومات ترمز إلى الحرية كالشمس الحمام .... إلخ. فمعظم حياتنا النفسية حسب مدرسة التحليل النفسي ، لا شعورية يمكن تمثيلها بالكرة الجليدية المغمورة بالماء فالجزء الصغير الظاهر الذي يطفوا فوق الماء هو الشعور ، أما الجزء ابكبير الخفي تحت الماء يمثل اللاشعور ، و يقسم فرويد الجهاز النفسي إلى ثلاثة أقسام تنتج عن العلاقة بينهم إما التوازن أو الإختلاف في الحياة النفسية و هي :
1/-الهو: يمثل الرغبات و الميول و الدوافع الجنسية الحيوانية التي تطلب الإشباع ، و هو لا شعوري ولا أخلاقي و يتميز بقوة الإندفاع : تلفت انواع بالا
2/-الأنا الأعلى : يمثل القيم الخلقية و الدينية و الإجتماعية الحاصلة في الإنسان عن طريق التربية و هو يمثل الرقيب على دوافع الهو (علاقة تناقض ).
3/- الأنا : يمثل الذات الواعية المتصلة بالعالم الخارجي ، و هو منطقي إرادي و شعوري يعبر عن الشخصية و هو المجال الذي يحدث فيه الصراع بين متطلبات الهو و رقابة الأنا الأعلى ووظيفته إحداث التوازن بين القوتين المتصارعتين ، و إعتبر التحليل النفسي أن جميع دوافع الإنسان و رغباته يمكن ردها على الغريزة (الليبيدو) والغريزة العدوانية ( غريزة الموت) وهي مصدر كل طاقاتها وحيوياتها في مجال الهدم أو البناء
أما عن الرفض الذي تلقاه "فروييد" من طرف خصومه فيرد عليهم بقوله : ( من بين مقدمات التحليل النفسي، هناك مقدمتان تصدم جميع الناس وتجلبان لهم الإستنكار العام، إحداهما تصدم بحكم مسبق ذهني، والأخرى بحكم مسبق جمالي الأخلاق الحكم المسبق الذهني هو تعودهم على أن كل ماهو نفسي شعوري جعلهم لايقبلون بنظرية اللاشعور، وحكم مسبق جمالي أخلاقي هو أن إرجاع جميع الأمراض النفسية إلى الغريزة الجنسية (الليبيدو) تتعارض مع القيم الأخلاقية الجمالية التي كان يسلم بها هاؤلاء، كما أن إنكار اللاشعور بحجة القدرة على إدراكه حسيا أو نفسيا، ليس دليلا على عدم وجوده، فهنالك علوم تنسب إليها الدقة في دراستها تسلم بموضوعات لم نتمكن من إدراكها حسيا، مثل الجاذبية في الفيزياء، وعليه فاللاشعور واقع نفسي لا يمكن إنكاره.
مناقشة : لايمكن إنكار الحجج التجريبية الفرويد" فنظرية التحليل النفسي فتحت باب النظر العقلي إلى المشاكل الشخصية، من خلال دراسته الحياة الجنسية، كما أنها صنعت مناهج تحليلية بصورة عادلة، عيادات إرشاد للأطفال ، وأن تهيئ التكيف الحسن في الحياة، كما أنها أحدثت قطيعة إستمولوجية مع الإعتقادات السابقة في مجال دراسة الظواهر السيكولوجية ، أدت غلى التطور علم النفس النهوض به علميا من خلال معالجة العديد من الأمراض والإظطرابات النفسية والعصبية وكشفت لنا عن مدى تأثير تجارب طفولة المبكرة في سلوك الراشدين. فسرت لنا سلوك المنحرفين والمجرمين والمجانين والفاشلين فأصبحوا يخضعون للعلاج في المستشفيات بعد أن كان يلقي بهم في السجن، لكن ما يعاتب عليه "فرويد" هو مبالغته في جعل الرغبات الجنسية " الليبيدو" وكاساس لفهم وتفسير الحوادث النفسية، وأن التسليم معه بذلك معناه رفع المسؤولية عن أفعال الإنسان، كما أنه لايمكن تغليب كفة اللاشعور عن كفة الشعور، ولذالك كون تجارب "فرويد" اقتصرت على المرضى وأهملت الأسوياء، كما جاءت الإعتراظات من تلاميذه في مدرسة التحليل النفسي، اللذين خالفوه الرأي ومن أشهرهم "ألفرد الدر" الذي أنشا مدرسة علم النفس الفردي وأرجع اللاشعور إلى الشعور بالنقص والسعي إلى التعويض، وكذالك " كارل جوستاف يونغ" الذي وضع نظرية اللاشعور الجمعي فلاشعورنا ليس ملينا بالأزمات التي عشناها أثناء طفولتنا فقط، بل وكذالك بالأزمات التي مرت بها الإنسانية جمعاء، إظافة إلى الطبيب النمساوي" ستيكارل" الذي إعتبر اللاشعور مجرد تجاهل للأفكار و الحقائق حيث يقول : ( لا أؤمن بلا شعور ، لقد آمنة به في المرحلة الأولى لكني بعد تجاربي التي دامت ثلاثين سنة، وجدت أن كل الأفكار المكبوتة إنما هي تحت شعورية وأن المرضى يخافون دائما من رؤية الحقيقة)، كما يرفض "سانتر " فكرة اللاشعور ويعتبره مجرد خداع كما عبر عن هذا في نظريته :" خداع النفس"
ج - التركيب : من خلال طرحنا للموقفين المتعارضين يتضح لنا أن الحياة النفسية ثنائية متكاملة قوامها الشعور واللاشعور وأنه لا يمكن فهمها إلا بالتسليم بوجودهما معا، الشعور کالية للتوازن والتكيف والمعرفة، واللاشعور كطاقة مكبوتة يمكن توجيهها نحو الإبداع العلمي والفني وأنا شخصيا أتبني الموقف القائل بأن اللاشعور واقع نفسي، لأن علم النفس الذي يقتصر على دراسة النص دراسة الشعور لا يستطيع حل مشكلتي الأحلام والهذيان كما أن نظريته دليل قاطع على وجود اللاشعور بقول "فرويد" :(اللاشعور ضروري لأن معطيات الشعور ناقصة ، كما أن الأعراض العصبية الهستيريا ليس لها سبب عضوي ، وبالتالي لها سبب نفسي لا شعوري ).
حل المشكلة : من كل مما سبق نستنتج أن الشعور لا يلازم جميع أفعال الإنسان بل هناك أفعال لا شعورية غير واعية كذالك ومنه فالحياة النفسية ثنائية متكاملة أساسها الشعور واللاشعور ، و إذا كان الشعور يشكل رأس الجبل و قمته ، فإن اللاشعور يشكل عمقه و قاعدته يقول "فرويد":( اللاشعور هو الظل الذي لا يزول حتى ولو غربت الشمس ، بل يزداد نشاطه بعد غروب الشمس ). إذا كان علم النفس الحديث يكشف لنا أن اللاشعور واقع نفسي لا يمكن إنكاره فإنه في نفس الوقت يحذرنا من المبالغة في تقديره لأن ذلك يجعله سببا نعلق عليه كل إخفاقاتنا ، و هذا حسب الفلاسفة يهدد الأخلاق من أساسها ، ما دام يجعل الإنسان ضحية لغرائزه و عبدا لميوله و أهوائه ، لنصل في الأخير أن الحياة النفسية من الصعب تأكيد و إثبات حقائقها لأنها تبقى أحداث وصفية تفسيرية سواء كانت شعورية أو لا شعورية .
[ad_2]
0 Response to "مقالة جدلية : هل يعي الإنسان جميع أسباب سلوكه ؟"
إرسال تعليق