هل العدالة الاجتماعية قائمة على التفاوت ام المساواة ؟
ديسمبر 05, 2018
Add Comment
[ad_1]
أن يكونوا
[ad_2]
من إعداد الأستاذ : رزيق محمد العيد
ثالثة آداب وفلسفة
هل العدالة الاجتماعية قائمة على التفاوت ام المساواة ؟.
مقدمة : منذ أن ظهرت البشرية على هذا الوجود وهي تسعى الى تحقيق مكنوناتها الطبيعية المتمثلة اساسا في الأمن و المساواة
وكل اشكال التوازن و الاستقرار الحياتي لأنها بطبعها تميل الى ما هو منسجما مع طبيعتها, وهذا لا يتحقق الا بفعل العدالة التي
تعتبر اشارة لكل تقدم انساني و دلالة واضحة لكل تحضر سياسي كما تعرف ايضا انها الاستقامة والاعتدال و ضد الظلم والجور
و على هذا الأساس وقع جدال بين الفلاسفة والمفكرين وذلك عن كيفية تحقيقها تحقيقا موضوعيا فهناك من يرى أن تحقيقها يكمن
في التفاوت بين الأفراد في الحقوق والواجبات و بنقيض ذلك هناك من يرجعها الى المساواة, ومن هذا الاختلاف والتباين في الأفكار
نطرح الاشكال الاتي : هل تحقيق العدالة الموضوعية يكمن في ظل التفاوت ام المساواة وبعبارة اخرى: هل التفاوت اساس
العدالة ؟.
الموقف الأول : يذهب انصار التفاوت وللا مساواة في الحقوق و الواجبات الى ان تحقيق العدالة بين الأفراد في ظل قيام الفروقات
بين الأفراد امر ممكن لان العدالة الاجتماعية تسير وفق مبدا التفاوت في توزيع الحقوق والواجبات وذلك حسب القدرات والمؤهلات
الذاتية التي يمتلكها كل فرد الان جوهر هذا التفاوت هو الطبيعة اصلها فهي التي جعلت من الأفراد متفاتون في القدرات العقلية
والجسدية والمواهب والاستعدادات فهناك الأقوياء وهناك الضعفاء و يوجد البعض اذكياء والبعض الاخر اغبياء و يوجد الغني
و يوجد الفقير وهذا ما يدل على أن هناك تفاوت حققي ونجد هذا المبدأ واضحا و جليا في الفلسفة الكلاسيكية فقد قسم افلاطون
المجتمع الى الثلاثة طبقات تقابل مستويات النفس البشرية طبقة الحكام والفلاسفة وطبقة الجند وطبقة العبيد ولكل طبقة امتيازاتها
الخاصة ولذلك وجب على العدالة احترام هذا التمايز الطبقي ومطالبة ايضا ان تراعي هذه الفوارق و ان توزع الحقوق وفقا لهذا
المعيار الذي يقتضي أن يوضع كل فرد في مكانه اللائق قال افلاطون "الخلط بين الطبقات الثلاث يجر على الدولة او خم العواقب"
وقال أيضا "ان العدالة انما هي أن يمتلك المرء ما ينتمي فعلا اليه ويؤدي الوظيفة الخاصة به "اما نظرة ارسطو للعدالة فهي تفاوت
حقيقي واضح وذلك يعود الى منطق الحتمية الطبيعية حيث يقول" أن الطبيعة وهي تجعل الناس على ما هم عليه قدوهي الفكرة
نفسها التالي يجب أن تتحك المجتش على ان التفاوت بين القاب وضعت بينهم فوارق عميقة "فالناس مختلفون بالفطرة في
قدراتهم ومواهبهم فمن الجور ان تسوي بينهم بينما الطبيعة فرقتهم لان التفاوت قانون الطبيعة اذن فالاختلاف الطبيعي بين الناس
قائم وبالتالي فالتفاصيل في الاستحقاق لازم لذلك فتوزيع الحقوق والواجبات يكون طبقا للكفاءة والاستعدادات الطبيعية التي تزداد
معها الفروق الاجتماعية. أما نظرة الفلسفة الحديثة للعدالة فهي قريبة ايضا من هذا التصور فقد أكد هيغل على مبدأ التفاوت لكن
تفاوت يمس الأمم فالأمة التي تصل إلى القمة والفكرة المطلقة يحق لها ان تملك كل الحقوق وتسيطر على العالم من منطلق انها
اقوى و افضل الامم و ما واجب الامم الضعيفة إلا التبعية والخضوع فلقوي الحق و على الضعيف الواجب وهذا هو المنطق الذي
يجب أن تتحكم اليه كل عدالة سواء تعلق الأمر بالأفراد أو الامم. وهي الفكرة نفسها التي اشار اليه الفيلسوف الألماني نيتشه
اذا اكد على أن التفاوت بين الناس قائم ولا أحد يمكنه انكار ذلك و كنتيجة لهذا المعتقد فقد قسم المجتمع الى طبقتين طيقة اسياد
و طبقة عبيد ولكل طبقة امتيازاتها الخاصة فالأسياد حق الحكم والملكية واللعبيد حق الطاعة والاحترام وخدمة الاسياد واي
محاولة من قبل العبيد لتطلع الى حقوق الأسياد يعد اختلال توازن المجتمع لان العبيد لا يمتلكون صفات تؤهلهم لذلك و عليه فهم
خدم للأسياد وعلى العدالة ان تحترم هذا التفاوت و توزع الحقوق حسب هذا التمايز الطبقي الموضوعي . اما من وجهة نظر
الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي الحر فقد اكد على مبدأ التفاوت واعتبره مقیاس جوهري لتحقيق عدالة موضوعية فقد انطلقت
الرأسمالية الى تقریر و تحقيق مبدأ التفاوت على ارض الواقع من خلال مبدأ الطبيعة البشرية لان الافراد مختلفون في مواهبهم
وقدراتهم مما يبرر التفاوت بينهم في الحقوق وما الملكية الفردية التي تؤمن بها الرأسمالية في تنظيمها الاقتصادي والسياسي
خير دليل على ذلك لان الملكية الخاصة لوسائل الانتاج معناه اعطاء الاحقية للبعض في التملك دون البعض الاخر لذلك فوجود
الملكية لدى البعض يقتضي انعدامها لدى البعض الاخر وهذا ما يؤكد على أن هناك تفاوت حققي . وهكذا فقد قسمت الايدلوجية
الرأسمالية المجتمع إلى طبقتين طبقة مالكة وتعرف بأصحاب رؤوس الأموال وطبقة كادحة أجيرة وهي طبقة العمال ولكل طبقة
امتيازاتها وما على العدالة إلا احترام هذه الفروقات لذلك فعملية التوزيع تكون بمقتضى هذه الفوارق . ونجد مبدأ التفاوت في
توزيع الحقوق والواجبات في الديانات فقد ذهبت الديانة البراهماتية و هي ديانة هندية الى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يكمن
في مبدا التفاوت العرقي فهي تؤمن بوجود اله خلق العوالم كلها بمبدا الامتياز لذلك فتقسيم المجتمع يكون طبقي . اعلى طبقة
فيه طبقة الكهنة و اسفلها الانجاس ولكل طبقة امتيازاتها الخاصة وما على العدالة إلا احترام هذا التفاوت الحقيقي لأنه الهي كما
يعتقدون . وإما من وجهة نظر اصحاب العلوم الطبيعية والإنسان فقد اكدوا على مبدأ التفاوت في تأسيس العدالة الموضوعية لان
العدالة عندهم هي اعطاء الأفراد حقوقهم ومطالبتهم بواجباتهم ولكن ليس كل الأفراد لهم نفس المقدرة على أن يؤدي الواجبات
وذلك يعود الى الاختلاف في المستوى البيولوجي فهناك تباين في بنياتهم البيولوجية والمورفولوجي مما يحتم قدرتهم على
الاختلاف في العمل ومن ثمة الاختلاف والتفاوت في رد الواجب التفاوت والاختلاف يبين الأفراد قانون الطبيعة يستعيد مصداقيته
من الواقع لذلك فاحترام التفاوت امر ضروري لأنه حتمية طبيعية بل يجب العمل والاستدلال به و هذا ما قاله الطبيب الفيزيولوجي
الفرنسي الكيس كاريل" فبدلا من أن نحاول تحقيق المساواة بين اللامساواة الجسمية والعقلية يجب أن نوسع دائرة هذه الاختلافات
وننشئ رجالا عظماء " بذلك فلنحاول تحقيق ذلك لان التفاوت امر فطري في الإنسان وحقيقته لا ينكرها عاقل ومنه يجب توسيع
فوهة هذه الاختلافات في القدرات العقلية والجسمانية لكي نكتشف كفاءات و قدرات الناس وهنا يضيف كاريل قائلا" يجب ان نساعد
أولئك الناس الذين يملكون افضل الاعضاء والعقول على الارتقاء اجتماعيا فكل فرد عليه أن يحصل على مكانه الطبيعي واللائق"
وكما نجد التفاوت والتباين والاختلاف حتمي من المنظور السيكولوجي للافراد حيث هناك تفاوت كبير و عميق في قدراتهم العقلية
وفي استعداداتهم وذكائهم . ومنه نستنتج أن مقياس العدالة الموضوعية يكمن في احترام الفروقات الموجودة بين الناس لان
التفاوت قانون الطبيعة وما على الدولة أو العدالة ان توزع الحقوق والواجبات حسب ما يقتضيه كل فرد لان التفاوت والاختلاف
والتباين امر فطري ومعروف ولا أحد ينكر ذلك , لهذا نقول أن العدالة تتجسد في الاستحقاق والتفاوت الموجود بين الأفراد.
التقييم والنقد : برغم من أن التفاوت امر طبيعي لكن لا يجب أن يكون مبرر للطبقية والاستغلال الاجتماعي لأنه يؤسس الظلم و
التميز العنصري داخل المجتمع الواحد كما أن اقرار مبدأ التفاوت کاساس للعدالة انما يؤسسها في دائرة ضيقة لا يتسع صدرها لكل
المجالات لأنها عدالة الطبقة الحاكمة كما أن التفاوت يكرس الذل والاعتداء وبالتالي فهو مبرر للاستعمار والهيمنة وهو مبدأ
سيطرة القوي على الضعيف من اجل الحكم والطاعة والتبعية, أن العدالة كقيمة أخلاقية ترفض أن تؤسس على هذا التصور
العنصري فهي اسمی آن تنزل الى مستوى هذه النظرة التي تثير الظلم والجور بين افراد المجتمع.
مقدمة : منذ أن ظهرت البشرية على هذا الوجود وهي تسعى الى تحقيق مكنوناتها الطبيعية المتمثلة اساسا في الأمن و المساواة
وكل اشكال التوازن و الاستقرار الحياتي لأنها بطبعها تميل الى ما هو منسجما مع طبيعتها, وهذا لا يتحقق الا بفعل العدالة التي
تعتبر اشارة لكل تقدم انساني و دلالة واضحة لكل تحضر سياسي كما تعرف ايضا انها الاستقامة والاعتدال و ضد الظلم والجور
و على هذا الأساس وقع جدال بين الفلاسفة والمفكرين وذلك عن كيفية تحقيقها تحقيقا موضوعيا فهناك من يرى أن تحقيقها يكمن
في التفاوت بين الأفراد في الحقوق والواجبات و بنقيض ذلك هناك من يرجعها الى المساواة, ومن هذا الاختلاف والتباين في الأفكار
نطرح الاشكال الاتي : هل تحقيق العدالة الموضوعية يكمن في ظل التفاوت ام المساواة وبعبارة اخرى: هل التفاوت اساس
العدالة ؟.
الموقف الأول : يذهب انصار التفاوت وللا مساواة في الحقوق و الواجبات الى ان تحقيق العدالة بين الأفراد في ظل قيام الفروقات
بين الأفراد امر ممكن لان العدالة الاجتماعية تسير وفق مبدا التفاوت في توزيع الحقوق والواجبات وذلك حسب القدرات والمؤهلات
الذاتية التي يمتلكها كل فرد الان جوهر هذا التفاوت هو الطبيعة اصلها فهي التي جعلت من الأفراد متفاتون في القدرات العقلية
والجسدية والمواهب والاستعدادات فهناك الأقوياء وهناك الضعفاء و يوجد البعض اذكياء والبعض الاخر اغبياء و يوجد الغني
و يوجد الفقير وهذا ما يدل على أن هناك تفاوت حققي ونجد هذا المبدأ واضحا و جليا في الفلسفة الكلاسيكية فقد قسم افلاطون
المجتمع الى الثلاثة طبقات تقابل مستويات النفس البشرية طبقة الحكام والفلاسفة وطبقة الجند وطبقة العبيد ولكل طبقة امتيازاتها
الخاصة ولذلك وجب على العدالة احترام هذا التمايز الطبقي ومطالبة ايضا ان تراعي هذه الفوارق و ان توزع الحقوق وفقا لهذا
المعيار الذي يقتضي أن يوضع كل فرد في مكانه اللائق قال افلاطون "الخلط بين الطبقات الثلاث يجر على الدولة او خم العواقب"
وقال أيضا "ان العدالة انما هي أن يمتلك المرء ما ينتمي فعلا اليه ويؤدي الوظيفة الخاصة به "اما نظرة ارسطو للعدالة فهي تفاوت
حقيقي واضح وذلك يعود الى منطق الحتمية الطبيعية حيث يقول" أن الطبيعة وهي تجعل الناس على ما هم عليه قدوهي الفكرة
نفسها التالي يجب أن تتحك المجتش على ان التفاوت بين القاب وضعت بينهم فوارق عميقة "فالناس مختلفون بالفطرة في
قدراتهم ومواهبهم فمن الجور ان تسوي بينهم بينما الطبيعة فرقتهم لان التفاوت قانون الطبيعة اذن فالاختلاف الطبيعي بين الناس
قائم وبالتالي فالتفاصيل في الاستحقاق لازم لذلك فتوزيع الحقوق والواجبات يكون طبقا للكفاءة والاستعدادات الطبيعية التي تزداد
معها الفروق الاجتماعية. أما نظرة الفلسفة الحديثة للعدالة فهي قريبة ايضا من هذا التصور فقد أكد هيغل على مبدأ التفاوت لكن
تفاوت يمس الأمم فالأمة التي تصل إلى القمة والفكرة المطلقة يحق لها ان تملك كل الحقوق وتسيطر على العالم من منطلق انها
اقوى و افضل الامم و ما واجب الامم الضعيفة إلا التبعية والخضوع فلقوي الحق و على الضعيف الواجب وهذا هو المنطق الذي
يجب أن تتحكم اليه كل عدالة سواء تعلق الأمر بالأفراد أو الامم. وهي الفكرة نفسها التي اشار اليه الفيلسوف الألماني نيتشه
اذا اكد على أن التفاوت بين الناس قائم ولا أحد يمكنه انكار ذلك و كنتيجة لهذا المعتقد فقد قسم المجتمع الى طبقتين طيقة اسياد
و طبقة عبيد ولكل طبقة امتيازاتها الخاصة فالأسياد حق الحكم والملكية واللعبيد حق الطاعة والاحترام وخدمة الاسياد واي
محاولة من قبل العبيد لتطلع الى حقوق الأسياد يعد اختلال توازن المجتمع لان العبيد لا يمتلكون صفات تؤهلهم لذلك و عليه فهم
خدم للأسياد وعلى العدالة ان تحترم هذا التفاوت و توزع الحقوق حسب هذا التمايز الطبقي الموضوعي . اما من وجهة نظر
الاقتصاد الرأسمالي الليبرالي الحر فقد اكد على مبدأ التفاوت واعتبره مقیاس جوهري لتحقيق عدالة موضوعية فقد انطلقت
الرأسمالية الى تقریر و تحقيق مبدأ التفاوت على ارض الواقع من خلال مبدأ الطبيعة البشرية لان الافراد مختلفون في مواهبهم
وقدراتهم مما يبرر التفاوت بينهم في الحقوق وما الملكية الفردية التي تؤمن بها الرأسمالية في تنظيمها الاقتصادي والسياسي
خير دليل على ذلك لان الملكية الخاصة لوسائل الانتاج معناه اعطاء الاحقية للبعض في التملك دون البعض الاخر لذلك فوجود
الملكية لدى البعض يقتضي انعدامها لدى البعض الاخر وهذا ما يؤكد على أن هناك تفاوت حققي . وهكذا فقد قسمت الايدلوجية
الرأسمالية المجتمع إلى طبقتين طبقة مالكة وتعرف بأصحاب رؤوس الأموال وطبقة كادحة أجيرة وهي طبقة العمال ولكل طبقة
امتيازاتها وما على العدالة إلا احترام هذه الفروقات لذلك فعملية التوزيع تكون بمقتضى هذه الفوارق . ونجد مبدأ التفاوت في
توزيع الحقوق والواجبات في الديانات فقد ذهبت الديانة البراهماتية و هي ديانة هندية الى أن تحقيق العدالة الاجتماعية يكمن
في مبدا التفاوت العرقي فهي تؤمن بوجود اله خلق العوالم كلها بمبدا الامتياز لذلك فتقسيم المجتمع يكون طبقي . اعلى طبقة
فيه طبقة الكهنة و اسفلها الانجاس ولكل طبقة امتيازاتها الخاصة وما على العدالة إلا احترام هذا التفاوت الحقيقي لأنه الهي كما
يعتقدون . وإما من وجهة نظر اصحاب العلوم الطبيعية والإنسان فقد اكدوا على مبدأ التفاوت في تأسيس العدالة الموضوعية لان
العدالة عندهم هي اعطاء الأفراد حقوقهم ومطالبتهم بواجباتهم ولكن ليس كل الأفراد لهم نفس المقدرة على أن يؤدي الواجبات
وذلك يعود الى الاختلاف في المستوى البيولوجي فهناك تباين في بنياتهم البيولوجية والمورفولوجي مما يحتم قدرتهم على
الاختلاف في العمل ومن ثمة الاختلاف والتفاوت في رد الواجب التفاوت والاختلاف يبين الأفراد قانون الطبيعة يستعيد مصداقيته
من الواقع لذلك فاحترام التفاوت امر ضروري لأنه حتمية طبيعية بل يجب العمل والاستدلال به و هذا ما قاله الطبيب الفيزيولوجي
الفرنسي الكيس كاريل" فبدلا من أن نحاول تحقيق المساواة بين اللامساواة الجسمية والعقلية يجب أن نوسع دائرة هذه الاختلافات
وننشئ رجالا عظماء " بذلك فلنحاول تحقيق ذلك لان التفاوت امر فطري في الإنسان وحقيقته لا ينكرها عاقل ومنه يجب توسيع
فوهة هذه الاختلافات في القدرات العقلية والجسمانية لكي نكتشف كفاءات و قدرات الناس وهنا يضيف كاريل قائلا" يجب ان نساعد
أولئك الناس الذين يملكون افضل الاعضاء والعقول على الارتقاء اجتماعيا فكل فرد عليه أن يحصل على مكانه الطبيعي واللائق"
وكما نجد التفاوت والتباين والاختلاف حتمي من المنظور السيكولوجي للافراد حيث هناك تفاوت كبير و عميق في قدراتهم العقلية
وفي استعداداتهم وذكائهم . ومنه نستنتج أن مقياس العدالة الموضوعية يكمن في احترام الفروقات الموجودة بين الناس لان
التفاوت قانون الطبيعة وما على الدولة أو العدالة ان توزع الحقوق والواجبات حسب ما يقتضيه كل فرد لان التفاوت والاختلاف
والتباين امر فطري ومعروف ولا أحد ينكر ذلك , لهذا نقول أن العدالة تتجسد في الاستحقاق والتفاوت الموجود بين الأفراد.
التقييم والنقد : برغم من أن التفاوت امر طبيعي لكن لا يجب أن يكون مبرر للطبقية والاستغلال الاجتماعي لأنه يؤسس الظلم و
التميز العنصري داخل المجتمع الواحد كما أن اقرار مبدأ التفاوت کاساس للعدالة انما يؤسسها في دائرة ضيقة لا يتسع صدرها لكل
المجالات لأنها عدالة الطبقة الحاكمة كما أن التفاوت يكرس الذل والاعتداء وبالتالي فهو مبرر للاستعمار والهيمنة وهو مبدأ
سيطرة القوي على الضعيف من اجل الحكم والطاعة والتبعية, أن العدالة كقيمة أخلاقية ترفض أن تؤسس على هذا التصور
العنصري فهي اسمی آن تنزل الى مستوى هذه النظرة التي تثير الظلم والجور بين افراد المجتمع.
الموقف الثاني : يذهب انصار المساواة دعاة العدالة الاجتماعية في الحقوق والواجبات الى أن تحقيق العدالة يكمن في المساواة
المطلقة بين جميع افراد المجتمع الواحد لان الناس ولدوا بفطرة, متساوين و كانوا يعيشون حياة طبيعية يتمتعون بمساواة تامة
وكاملة فيما بينهم و مارسوا حقوقهم على قدم المساواة وبدون تفرقة لان الافراد سواسية وليس هناك شيء اشبه من الانسان
بأخيه الإنسان فلنا جميعا عقول و حواس وان اختلفنا في العلم فنحن متساوين في القدرة على التعلم كما قال شيشرون ومن هنا
فإن مبدأ المساواة بين الأفراد في الحقوق والواجبات برأي فلاسفة القانون الطبيعي يعتبر مقياسا اساسيا ومناسب لتحقيق عدالة
موضوعية لان المساواة بين الأفراد تقتضيها الطبيعة المشتركة وكذلك الاحترام المتبادل بين الأفراد وان كانت هناك فوارق فهي
من صنع المجتمع قال توماس هوبز "سوت الطبيعة بين الناس في قوا هم الجسمية والعقلية ,وقد نرى بعض الناس اقوى من بعض
وبعضهم اذكى من بعض ولكن اذا نظرنا نظرة عامة لا نجد هناك فرق يخول الانسان حق ليس للاخر ", أما من وجهة نظر فلاسفة
العقد الاجتماعي فقد اقروا مبدأ المساواة واعتبروا المفتاح الاسمى لتحقيق العدالة الاجتماعية وانطلقوا من أن الأفراد كانوا كانوا
يعيشون حالة الفطرة ويتمتعون بحقوقهم الطبيعية على قدم المساواة لكن للاسباب عدة ومختلفة انتقلوا إلى المجتمع السياسي لحياة
أفضل وأكثر تنظيما تحافظ على حقوقهم وكان هذا التغيير بواسطة عقد اجتماعي فالافراد كانوا متساوين في حالة الفطرة في
الحقوق وبعد انتقالهم الى نظام الدولة بقوا متساوين لأن العقد لم يغير المكنونات الطبيعية بل طريقة العيش والطبيعة الحسية فمن
نظام غابة الى نظام دولة ومن ثمة فالمساواة شرط لقيام العقد لأنه قائم على عدالة قوامها المساواة بين الأفراد في الحقوق
و
الواجبات , قال جون لوك "ما دام الناس خلقوا بطريقة واحدة ومن نوع واحد وان لهم جميعا نفس القدرات الطبيعية فيجب
متساويين فيما يعطى لهم من حقوق بلا تبعية ولا خضوع "ومن جهة اخرى عرفت الحركة الفكرية والفلسفية التي شنها فلاسفة
القانون الطبيعي في اوروبا دور مهم في تغيير مسار تنظيم اجتماعي وتخلصت من تبعية الكنيسة وقيود التقليد لهذا فقد كانت لهذه
الحركة الدور الفعال في تغيير مبادئ الثورتين التنويرتين و الأعلان العالمي الحقوق الانسان فقد اقرت مبدأ المساواة واعتبرته
الجوهر الاساسي لتحقيق عدالة اجتماعية الان تكريس هذا المبدا يحقق الاستقرار والأمن والتطور. فقد دعا جون لوك الى ان
تحقيق العدالة يتطلب محاكمة الناس طبقا لقوانين مستقرة لا تتغير طبقا لحالة معينة. اذ يجب أن تكون هناك قاعدة واحدة تطبق
على الجميع فلا فرق بيم امیر و فلاح فقد جاء في المادة 7 للإعلان العالمي لحقوق الانسان " كل الناس سواسية أمام القانون ولهم
الحق في حماية متكافئة
دون أي تفرقة كما لهم جميعا الحق في حماية متساوية ضد أي تمييز يخل بهذا الاعلان وضد أي تحريض
على تمييز كهذا" كما نص اعلان الاستقلال الامريكي 1776 والدستور الاتحادي 1787 على مبدأ المساواة بين الأفراد ولا يمكن
التمييز بينهم و هو نفس المبدأ الذي
حمله شعار الثورة الفرنسية" المساواة-الاخاء- الحرية" وجاء في المادة 1 من الاعلان
الشهير لحقوق الانسان والمواطن الصادر عن الثورة الفرنسية" الأفراد يولدون و يعيشون احرار متساوين" ومنه فان هذه
المبادئ والقواعد والمواد التي حملتها الدساتير والإعلانات کرست مبدأ المساواة وقضت على امتيازات الاشراف والنبلاء و
سوت بين الجميع في الحقوق والحريات وإما من وجهة نظر كانط فقد دعا الى تقرير مبدأ المساواة واعتبره الاساس الأصلح
والأنسب للتحقيق العدالة الاجتماعية حيث قال " اعمل على النحو الذي ترى فيه المساواة حقيقة "ويضيف كانط الى ان البشر
جميعا يشتركون في صفة الانسانية فقيام العدالة ينطلق من احترام انسانية الانسان وكرامته واعتباره غاية في حد ذاته و ليس
مجرد وسيلة ,و عليه فالمساواة مبدأ العدالة والتوزيع العادل وهذا ما تؤمن به الفلسفة الاشتراكية حيث اقرت آن لا عدالة دون
تكريس مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات وذلك أن طريق الملكية الجماعية لوسائل الانتاج حيث تسمح للجميع بالتمتع بهذا
الحق وإعطاء كل ذي حق حقه لان الملكية حق طبيعي وكل الأفراد لهم حق الملكية الذي يجعله متساوي مع غيره وهذا ما أشار
اليه المفكر الصيني كونفوشيوس حيث قال" توزيع الثروة يكون بالتساوي بين افراد المجتمع" ".
التقييم والنقد : يمكن قبول فكرة المساواة منطقيا لأنها منسجمة مع ذات الانسان لكن واقعيا لا يمكن قبول هذه الفكرة لان المساواة
مبدأ غير عملي ولايحقق العدالة الاجتماعية التي تسعى الى تطوير الكفاءات وتشجيع المواهب فهي تعسف لكونها تتعارض مع
الطبيعة البشرية بحيث تقتل المواهب الفردية وتقضي على روح المنافسة والإبداع وتطفي الحواجز فتقتل الدافعية وتموت المواهب
ويفقد المجتمع حركتيه ومن ثمة توازنه فكيف نسوي بين الناس وقد خلقوا بالطبيعة مختلفين
التركيب : تكمن حقيقة العدالة في
مبدأين تكافؤ الفرص بالمساواة ومبدأ الاستحقاق والجدارة في التفاوت هذه هي القاعدة الاصلية
لإقامة عدالة اجتماعية , اما زكي
نجيب محمود فقد رسم صورة مثلى
للعدالة واقعية تنطلق من تحديد مجالات الحياة وتقسيمها إلى
ثلاثة مجالات اولها مجال الحقوق
ومجال القدرات ومجال الحاجات الاجتماعية ويقابل كل مجال باساسه الصالح له فالمجال الأول
يحدد القانون والثاني الجدارة والمجال الثالث تحدده الحاجات الضرورية للافراد وبالتالي فتوزيع الحقوق والواجبات, حسب هذه
القاعدة تنتج لنا عدالة موضوعية تنعكس ظلالها على الفرد والمجتمع.
الخاتمة : العدالة من أعقد الفضائل وأصعبها تطبيق فهي
لا تتحقق بالمساواة المطلقة ولا بالتفاوت المطلق وإنما تتحقق وفق
شروط أخلاقية قائمة على التناسب بين الحقوق والواجبات
فحق الفرد ما هو إلا واجب الغير والعكس صحيح ولذلك وجب نشر
عدالة في الصالح العام فتكفل للفرد كرامته وللمجتمع
انسجامه. فالمجتمع الفائد للعدل فائد لمقوماته وبالتالي فائد للوجوده.
[ad_2]
0 Response to "هل العدالة الاجتماعية قائمة على التفاوت ام المساواة ؟"
إرسال تعليق